كنت طفلا صغيرا ألهو والعب مع بقية الأطفال في فناء مدرستي ، كلنا أطفال ،أغلبيتنا الساحقة مصريين ، مصريين بلا تمييز ،نحب بعضنا البعض بشدة، وكبر معنا هذا الحب عبر الزمن، أنها مدرستي الجميلة سانت فاتيما حيث تعلمت معني التسامح ومعني حب هذا البلد ، وقيمة الإنسان كانسان ، لا بدينه ولا عقيدته ومذهبه.أعيادنا أعيادهم، وأعيادهم أعيادنا، ولكن الصورة لم تكن دائما وردية بكل حال. فمع تقدم السنين ، ظهر متشددين هنا او هناك دون ان يفسد ذلك للود قضية.
واحكي عن تجربتي الشخصية وعن فصلي الدراسي بالإعدادية ، حيث تزاملنا كلنا مينا ومحمود طارق عبد الله و احمد عثمان مريم و أريني... خليط إنساني مصري متجانس ومتحاب.
أتذكر كيف ربطتني علاقة صداقة خاصة بمينا فرج الله ، وكيف كان والد مينا جورج يسأل عليا دائما و يثنى علي طريقة لعبي للكرة، ولا أنكر فضل مديرة مدرستي أستاذة فوزية – الطال الله في عمرها- عليً فقد شجعتني لأكتب ولا انسي أنها منحتني فرصة ان القي مقالا لي في الإذاعة وأنا في الصف الأول الإعدادي. ولا استطيع ان انسي ابدا أستاذي هشام ميشيل الرجل المتفتح ، ولا مسيو جون مدرس الفرنسية ، صديقي العزيز الذي يغمرنا كلنا بحب أب حنون.
وفي الجامعة ، ازداد ارتباطي بأسم مينا تحديدا ، فجمعتني صداقة قوية بمينا سمير ، و رغم أننا اختلفنا في العمل ، إلا ان الصداقة القوية أعادتنا أصدقاء وبقوة مجدداً. صداقات جمعتنا كلنا مسلمين واقباط ..مرقص و هيثم عدلي وغيرهم الكثيرون مع محمد واحمد ومحمود ،تربطنا كلنا علاقة جيدة بل وممتازة ونتبادل كلنا عن حب التهاني في الأعياد، فرسائل مريم سامي ورامز وكريستينا وغيرهم لا تنقطع في الأعياد ...لأننا كلنا مصريين.
اعتذر عن تلك التفاصيل الشخصية التي تبدو مملة في نظر البعض ولكن الحقيقة، لا ادري من أين ابدأ حديثي ولا كيف ارتب أموري.فالمدقق في بواطن الأمور وفيما يحدث في بلدان العالم اجمع، لا بد ان يلحظ ان السقوط يبدأ من تلك النقطة الفاصلة الحاسمة، قنبلة الطائفية البغيضة. تقسيم أي بلد إلي طوائف وزرع الأحقاد والكراهية بينهم عبر إثارة الفتن و الحكايات المغلوطة، فبذرة الكراهية زرع شيطاني ذو رائحة قذرة تكبر بصورة سريعة و مجنونة.
الوضع في الشرق الأوسط الآن غريب، فما من بلد إلا ويثار فيها فتن طائفية والهدف معروف للجميع، ففي العراق ، اختلط الحابل بالنابل وتحول الأمر لاقتتال طائفي علي نطاق واسع، كراهية غريبة زرعت عبر إثارة طائفية بين أطراف الدين الواحد. وانتقل الفيروس الخبيث للعالم، فأصبح علي العراقي ان يجيب علي سؤال إجباري كريه، سني ولا شيعي؟
والوضع في العراق مع تلك الحالة الطائفية لن يتحسن أبدا، فعلي أهل العراق ان يحرروا أنفسهم من هاجس الطائفية قبل ان يحرروا ترابهم. وتحرير النفوس من الكره والأحقاد أصعب بكثير.
وفي لبنان، فرقوا بين أهل الحي الواحد والشارع الواحد، واختلطت أمور السياسة بالدين وبالمذاهب، ووقف كل بسلاحه ليجني ثمار كراهية الآخر. والغريب ان الخاسر كان لبنان، لبنان الجميلة.
وفي المغرب العربي، تثور المسألة الامازيجية والبربرية حاليا، وهي مسألة لو ثارت لانقلب حال المغرب العربي كله، ولاستمرت الفتنة هناك لأجيال طويلة. فهي فتنة ستضرب في أصل أبناء المغرب وفي ولائهم وانتمائهم.
السقوط يبدأ بتلك المراحل سابقة الذكر، فحين يتصور البعض ان مصلحته في انتهاء الآخر
أو سقوطه يكون قد وقع في الفخ، فأى بلد يتكون من عناصر تحمل الاتفاق والاختلاف .
و مصر منذ الأبد تحمل علي ترابها مسلميها و أقباطها بتراحم وود ،سقطنا، و لكل جواد كبوة، ولكن نهضنا لأننا بلد بأمة واحدة وعزيمة واحدة وهدف واحد.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولا أتحجج بها دائما، ولكن فعلا هناك مؤامرة تحاك ضد وحدة ذلك الشعب، ضد تسامحه ، ضد حب أبنائه لبعضهم، لقد أيقن البعض ان سقوط تلك البلد يبدأ بمعركة داخلية خاصة بين أبنائها، معركة يستنزفون فيها طاقتهم وعزيمتهم، ومنها يسيطر أطراف خارجية علي زمام الأمور. معركة لا مثيل لها بين كل ما هو مسلم وكل ما هو مسيحي، فيحول البعض أي مناوشة عادية في شارع ضيق بعيد إلي حرب ضروس يسمح فيها باستخدام كل ما هو محظور.
أغلقوا باب الطائفية في مصر، ولتعش مصر بلد حر بمسلميها وأقباطها، فوضع صورة العراق أو لبنان في مخيلة أذهانكم كفيلة بان تغلق أبواب الطائفية بالضبة والمفتاح، و مجرد قراءة سريعة وصحيحة لتاريخ مصر كفيلة ان تجعلنا نتندر علي عبارات أثارة الفتنة الكريهة .
قرأت منذ فترة، عن رجل مصري قبطي تقي، يصحو من نومه فجرا ليقود جاره المصري المسلم الضرير لأداء صلاة الفجر. و شاهدت بعيني في أغسطس الماضي مصريين مسلمين ينقذون حافلة للكنيسة القبطية من موت محقق....أنها مصر يا سادة.
مينا ومريم ورامز .. كريستينا جونيا طارق...
كل سنة وانتم كلكم طيبين وعاشت مصر للمصريين
بقلم: هيثم التابعي
واحكي عن تجربتي الشخصية وعن فصلي الدراسي بالإعدادية ، حيث تزاملنا كلنا مينا ومحمود طارق عبد الله و احمد عثمان مريم و أريني... خليط إنساني مصري متجانس ومتحاب.
أتذكر كيف ربطتني علاقة صداقة خاصة بمينا فرج الله ، وكيف كان والد مينا جورج يسأل عليا دائما و يثنى علي طريقة لعبي للكرة، ولا أنكر فضل مديرة مدرستي أستاذة فوزية – الطال الله في عمرها- عليً فقد شجعتني لأكتب ولا انسي أنها منحتني فرصة ان القي مقالا لي في الإذاعة وأنا في الصف الأول الإعدادي. ولا استطيع ان انسي ابدا أستاذي هشام ميشيل الرجل المتفتح ، ولا مسيو جون مدرس الفرنسية ، صديقي العزيز الذي يغمرنا كلنا بحب أب حنون.
وفي الجامعة ، ازداد ارتباطي بأسم مينا تحديدا ، فجمعتني صداقة قوية بمينا سمير ، و رغم أننا اختلفنا في العمل ، إلا ان الصداقة القوية أعادتنا أصدقاء وبقوة مجدداً. صداقات جمعتنا كلنا مسلمين واقباط ..مرقص و هيثم عدلي وغيرهم الكثيرون مع محمد واحمد ومحمود ،تربطنا كلنا علاقة جيدة بل وممتازة ونتبادل كلنا عن حب التهاني في الأعياد، فرسائل مريم سامي ورامز وكريستينا وغيرهم لا تنقطع في الأعياد ...لأننا كلنا مصريين.
اعتذر عن تلك التفاصيل الشخصية التي تبدو مملة في نظر البعض ولكن الحقيقة، لا ادري من أين ابدأ حديثي ولا كيف ارتب أموري.فالمدقق في بواطن الأمور وفيما يحدث في بلدان العالم اجمع، لا بد ان يلحظ ان السقوط يبدأ من تلك النقطة الفاصلة الحاسمة، قنبلة الطائفية البغيضة. تقسيم أي بلد إلي طوائف وزرع الأحقاد والكراهية بينهم عبر إثارة الفتن و الحكايات المغلوطة، فبذرة الكراهية زرع شيطاني ذو رائحة قذرة تكبر بصورة سريعة و مجنونة.
الوضع في الشرق الأوسط الآن غريب، فما من بلد إلا ويثار فيها فتن طائفية والهدف معروف للجميع، ففي العراق ، اختلط الحابل بالنابل وتحول الأمر لاقتتال طائفي علي نطاق واسع، كراهية غريبة زرعت عبر إثارة طائفية بين أطراف الدين الواحد. وانتقل الفيروس الخبيث للعالم، فأصبح علي العراقي ان يجيب علي سؤال إجباري كريه، سني ولا شيعي؟
والوضع في العراق مع تلك الحالة الطائفية لن يتحسن أبدا، فعلي أهل العراق ان يحرروا أنفسهم من هاجس الطائفية قبل ان يحرروا ترابهم. وتحرير النفوس من الكره والأحقاد أصعب بكثير.
وفي لبنان، فرقوا بين أهل الحي الواحد والشارع الواحد، واختلطت أمور السياسة بالدين وبالمذاهب، ووقف كل بسلاحه ليجني ثمار كراهية الآخر. والغريب ان الخاسر كان لبنان، لبنان الجميلة.
وفي المغرب العربي، تثور المسألة الامازيجية والبربرية حاليا، وهي مسألة لو ثارت لانقلب حال المغرب العربي كله، ولاستمرت الفتنة هناك لأجيال طويلة. فهي فتنة ستضرب في أصل أبناء المغرب وفي ولائهم وانتمائهم.
السقوط يبدأ بتلك المراحل سابقة الذكر، فحين يتصور البعض ان مصلحته في انتهاء الآخر
أو سقوطه يكون قد وقع في الفخ، فأى بلد يتكون من عناصر تحمل الاتفاق والاختلاف .
و مصر منذ الأبد تحمل علي ترابها مسلميها و أقباطها بتراحم وود ،سقطنا، و لكل جواد كبوة، ولكن نهضنا لأننا بلد بأمة واحدة وعزيمة واحدة وهدف واحد.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة ولا أتحجج بها دائما، ولكن فعلا هناك مؤامرة تحاك ضد وحدة ذلك الشعب، ضد تسامحه ، ضد حب أبنائه لبعضهم، لقد أيقن البعض ان سقوط تلك البلد يبدأ بمعركة داخلية خاصة بين أبنائها، معركة يستنزفون فيها طاقتهم وعزيمتهم، ومنها يسيطر أطراف خارجية علي زمام الأمور. معركة لا مثيل لها بين كل ما هو مسلم وكل ما هو مسيحي، فيحول البعض أي مناوشة عادية في شارع ضيق بعيد إلي حرب ضروس يسمح فيها باستخدام كل ما هو محظور.
أغلقوا باب الطائفية في مصر، ولتعش مصر بلد حر بمسلميها وأقباطها، فوضع صورة العراق أو لبنان في مخيلة أذهانكم كفيلة بان تغلق أبواب الطائفية بالضبة والمفتاح، و مجرد قراءة سريعة وصحيحة لتاريخ مصر كفيلة ان تجعلنا نتندر علي عبارات أثارة الفتنة الكريهة .
قرأت منذ فترة، عن رجل مصري قبطي تقي، يصحو من نومه فجرا ليقود جاره المصري المسلم الضرير لأداء صلاة الفجر. و شاهدت بعيني في أغسطس الماضي مصريين مسلمين ينقذون حافلة للكنيسة القبطية من موت محقق....أنها مصر يا سادة.
مينا ومريم ورامز .. كريستينا جونيا طارق...
كل سنة وانتم كلكم طيبين وعاشت مصر للمصريين
بقلم: هيثم التابعي
4 comments:
علي فكره التقسيم الطائفي مبقاش في اديان مختلفه
ده بقي في دين واحد
شيعي و سني
كاثوليكي و ارثوذوكسي
شئ وحش اوي
كل سنه و كل الناس طيبه و في الفه و سلام
هيثم التابعى ..قلم من ذهب ..
اشرك يا كارتوز...كلماتك تزيدني شرفا
اشرك يا كارتوز...كلماتك تزيدني شرفا
Post a Comment